Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates

[mc4wp_form id=195]
أخبار وطنية

مع قهوة الصباح يكتبها ل “أخبار تساوت”المدون ادريس زياد في عدد اليوم:الخميس:*مستملحات صباحية*

يهتم بعضنا بنظافة أسنانه حدّ الهوس، يفرشها في اليوم مرتين على الأقل، يستخدم أفضل معجون، وفرشاة يحرص على استبدالها كل شهر أو شهرين، يستخدم الخيط أكثر من عازف عود، ينظف به ما بين أسنانه وطواحينه حتى ينزل الدم من لثته، يتمضمض بغسول الفم أكثر من مضمضة الوضوء حتى تكاد تخرج روحه، بعد كل هذه العناية تراه زبوناً دائماً عند طبيب الأسنان، مرة يحشو ضرساً، ومرة يقلع سناً أو ناباً، ومرة يقوّم اعوجاجاً أو يزيل كلساً…

أما البعض الآخر لم تلمس فرشاة أسنانه ولا يعرف طعم المعجون، أما غسول الفم فهو كالخمر في نظره، يقدم له “عرق سوس” فيقضي على نصفه أو يترك منه إلا قليلاً، أسنانه له فيها مآرب أخرى، يقطع بها اللاصق، ويفك بها الخيوط المعقدة ويقضم بها أظافره، ورغم ذلك تبدو أسنانه في أحسن أحوالها، بيضاء ناصعة، جميلة وسليمة تظهر من خلف الشفتين غير مبالية بصعوبة الواقع…

إنها حكمة قديمة أن الإنسان لا يقدّر النعم ولا يشكرها إلا حين تُنتزع منه، لكن يبدو أنها الحكمة الأجدر بالتذكر على الدوام، في آخر مرة شكوت فيها ألم أسناني، وجدتُني أقول لقريب لي بكل ما في جوارحي من ضعف بأنني مستعد أن أخسر كل ما أملك، مقابل أن أتخلص من آلامي ليلة واحدة…

كان أحد معارفي يجلس غير بعيد عن الطاولة التي نتحوم حولها في المقهى، وحيداً ينفث دخان السجائر ويرتشف القهوة، حين سرق مني السمع بأنني سأدفع مبلغاً يسيراً لأجل معالجة أسناني، أصابه الذهول والعجب، اقترب مني وهو يجر الكرسي ليجلس إلى جانبي، ثم بدأ يحدثني بلغة البخل بأن المال عزيز ولا ينبغي دفعه على أمر كهذا، وحين نظرت إلى فمه وهو يتحدث فهمت منه أنه لم يزر طبيب أسنان في حياته، فكيف له أن يفكر في دفع مبلغ من المال على شيء لا يقع على قائمة التفكير لديه؟

قال لي: لقد ذهبت إلى الطبيب لأرمم أسناني وأشار إليها وهي عبارة عن أطلال ألوانها بين الأسود القاتم والبني، متآكلة بفعل تأثيرات المضغ وتناول المشروبات الكحولية والسجائر…

أتدري كم طلب الطبيب؟

قلت: ترميم المآثر التاريخية أكثر تكلفة من إقامة مبانٍ جديدة، قد يطلب منك أجرة شهرين متتابعين خارج أرض الوطن، ورغم تغليفها فهي لا تصمد مع عوامل الحث والتعرية، لكن الأمر يهون لأجل ابتسامة جميلة لا تخيف الأطفال!

قال: لقد طلب مني ثلاثة ملايين!

قلت مازحاً: ربما أضاف مصاريف التسجيل والتحفيظ!

قام وذهب غاضباً دون وداع!

🖋️إدريس زياد

أخبار تساوت

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AKHBARTASSAOUT @2023. All Rights Reserved.