Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates

[mc4wp_form id=195]
رأي

الحقوقي حسن بنسعود يكتب:”إقليم شيشاوة… حين تعجز النخب عن مواكبة رؤية ملكية واضحة.”

يأتي الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الأخير ليحدد بدقة معالم المرحلة المقبلة: تنمية شاملة، عدالة مجالية، تسريع وتيرة الإصلاح وربط المسؤولية بالمحاسبة.

لكن بين هذه الرؤية الواضحة وبين الواقع المحلي في إقليم شيشاوة مسافة شاسعة سببها الرئيسي ضعف النخب السياسية المنتخبة، ثقافيًا وأخلاقيًا وتدبيريًا، وانغماسها في المصالح الشخصية الضيقة على حساب المصلحة العامة.في وقت يطالب فيه صاحب الجلالة بنخب قادرة على تحويل البرامج إلى منجزات، نجد في شيشاوة مجالس محلية تستهلك الزمن السياسي في حسابات انتخابية صغيرة وصراعات على مواقع النفوذ، بدل الانكباب على معالجة القضايا الجوهرية التي تؤرق المواطن: العطش، العزلة، ضعف الخدمات الصحية، وانهيار التعليم القروي، وعوض التفكير في وضع مخططات تنموية دقيقة ومؤشرات واضحة لتقييم الأداء، ينشغل الكثير من المنتخبين بمنطق الغنيمة وتقاسم الامتيازات، حتى أصبحت التنمية ورقة للمزايدات لا ورش وطني ملزم للجميع.

إن التهافت على المناصب والصفقات والمكاسب الشخصية يُفرغ المؤسسات المنتخبة من مضمونها، ويحوّلها إلى مجرد هياكل شكلية عاجزة عن الترافع عن قضايا الإقليم أمام الدولة والمستثمرين. وهكذا تُترك مشاريع الطرق دون صيانة، والماء دون حلول دائمة، والمدارس القروية دون دعم، والمراكز الصحية دون تجهيز، بينما يستمر خطاب “الإنجازات الورقية” الذي لا يلمسه المواطن في حياته اليومية.

التحدي في شيشاوة ليس نقص الموارد أو غياب الرؤية الملكية، بل غياب نخب تحمل حس المسؤولية العامة وتستوعب أن التنمية ليست سلعة انتخابية تُوزع بالمحسوبية، بل التزام وطني وأخلاقي قبل أن يكون سياسيًا.

عندما تغيب الكفاءة والضمير، تصبح المجالس المحلية عبئًا على الإصلاح بدل أن تكون رافعة له، وبينما تتحسن أحوال المنتخبين تسوء أحوال المواطنين ،ويضطر صاحب الجلالة إلى التدخل المباشر لتصحيح الاختلالات بدل أن يقوم المنتخبون بدورهم الطبيعي.

إن شيشاوة اليوم أمام مفترق طرق: إما القطع مع منطق المصالح الشخصية وإفراز نخب جديدة تضع التنمية فوق الحسابات الضيقة، وإما استمرار النزيف الذي يهدر الزمن التنموي ويخالف توجيهات الملك الواضحة، فلا إصلاح ممكن بنخب عاجزة، ولا تنمية تتحقق بمسؤولين لا يهمهم سوى مواقعهم، ولا يمكن أن تواكب منطقة متأخرة مثل شيشاوة دينامية الإصلاح الوطني إذا ظلت عالقة في مستنقع المزايدات الفارغة.

*حسن بنسعود رئيس المركز المغربي لحقوق الانسان بشيشاوة.

أخبار تساوت

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AKHBARTASSAOUT @2023. All Rights Reserved.