الإقصاء هو المنع من الحقوق التي يخوّلها القانون، من خلال التمييز والحرمان والإضعاف، وهو عملية تمنع بعض فئات المجتمع وتمنح أخرى، فتعيق بالتالي مشاركتهم الفعّالة في المجتمع وتؤثر سلباً على تمتّعهم بمنافع هذه الحقوق، وهذا تعريف للإقصاء الإجتماعي الذي يترك بصمته على فئات عديدة من كافة أبناء الطبقات الشعبية، والمنع أيضاً هو الإقصاء، منعه الشيء حرمه إياه ولم يمكّنه منه أي أقصاه وأوقفه وأعاقه وحرمه من حقه، فالألفاظ مختلفة والمعنى واحد…
هذا اللغط الحادث في النظام التعليمي الذي تنزل فيه القرارات والقوانين كاللعنة، تتحمل الحكومة مع وزير التربية وحاشيته وزر كل الإخفاقات التي تحدث أو من المحتمل أن تحدث، فتطوير نظام التعليم يجب أن يبدأ من اتجاهين بالتزامن، من الأسفل إلى الأعلى ومن الأعلى إلى الأسفل.
تجد أقواماً قذفتهم الفراغات في موضع المسؤولية النافذة، وهم في حقيقة أمرهم مترددون مذبذبون ضعفاء، فأمثال هؤلاء يعطونك الميعاد ثم يُخلِفونه لأي وارد يغير لهم حساباتهم، قذف بهم قيح الكارثة الإنتخابية إلى السطح ليتحولوا إلى أبواق تافهة غبية باحثة عن سرير نوم في قباب البرلمان، فواقعنا السياسي مصيدة نحسة لا ترحم الضعفاء والمغرورين، فهو واقع لزج رخو تكفيه قطرة ليذوب أكثر، ويسيل إلى المنحدر، ووحل عجين ترتطم فيه العجلات والأرجل والسياسات والمصالح والمراكز، وتتصادم، وتتقاطع، وتلتصق فتزيد الأحمال والأثقال، وورطة رطبة تقتحمها الخطط والبرامج بلا جدوى ولا مسار صاعد، ولا تستطيع الخروج منها، وطين لازب معلوك ينتظر نفخة نار ليقوم له ظهر صلب، وفخّار هشّ متكسّر لا يصلح إلا للرمي أو الفرْم، وصلصال يابس رقيق تمدد فوق واقع محروق يجب الدوس عليه للعبور الآمن، وأكثر ما يفعله ساستنا أن يجعلوا فيه التبن العفن والزبل الناشف لعل قشّة وأخواتها تبقيهم ملتصقين بهذه اللزوجة، واقع كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، وَهْمٌ، وسباحة في الطين، وبؤسٌ حقيقي…
أين المفر، ومتى المستقر، وإلى متى القر، إذا كان الوصف أن الحليم فيها يصبح حيراناً فكيف بالمغرور والغِير، هنا لا ينفع مع هذا الهرَم السياسي والعجز الكلّي إلا شمس حارقة مصبوبة متصلة لا تذر جذراً حيّاً قويّاً، يعقبها غيث طلّ متدرّج تنمو فيه بذور جديدة تحت شمس دافئة، وهذه حقيقة مؤلمة وكارثة محققة، وليس لها من دون الله كاشفة…
ويبقى السؤال الميتافيزيقي الذي طرحه الفيلسوف اليوناني أفلاطون، بسيط في ظاهره عميق في حقيقته، أدخل الفلاسفة في بحوث عميقة بهدف الوصول إلى إجابة، فاختلفوا، وتصارعوا فكرياً، ولم يصلوا إلى إجابة موحدة، السؤال هو: ما هي الحقيقة؟
لو وجهته لرجل الشارع لأجاب في أقل من دقيقة بأية فكرة تخطر على باله!
ويبقى السؤال مطروحاً: ما هي الحقيقة؟
🖋️إدريس زياد