هجوم بعض الصحف والمجلات الغربية على أردوغان قبل الإنتخابات، متهمة إياه بالدكتاتورية، بينما هي نفسها تصمت صمت أهل القبور على دكتاتوريات أخرى في العالم، فالرأي الغربي في قضايا الشرق العربي والإسلامي ليس جديداً، بل معروفاً منذ زمن بازدواجية المعايير، ولا أدل على ذلك موقفهم من القضية الفلسطينية منذ سبعة عقود، وقد كشف ذلك بوضوح وجلاء موقفهم من الحرب الروسية الأوكرانية، يستخدمون لهذه الإزدواجية ماكنات إعلامية ضخمة تؤثر على عقل المواطن الغربي وحتى على عقل المواطن الشرقي والعربي، من هنا من السهل فهم الهجوم الغربي على أردوغان مما نُسج له من المؤامرات وغسل الأدمغة لأجل التغيير، وكذا إعادة العلاقات في هذا الوقت بالذات ماهي إلا دعم للمعارضة التركية لأجل الإطاحة بأردوغان…
إلا أن أنصار أردوغان كانوا في حملتهم أشداء يدافعون عن فكرتهم باقتدار، ويشنّون الحملة على خصومهم عن علم وتفصيل، ويبرزون تناقضهم واختلافهم، ويستعرضون تجاربهم الفاشلة بلمحة خاطفة ويقارنونها بما أنجزوه وجعلوه ممكنا بعد أن كان مستحيلاً، تفوقوا في الجانب الإنساني بل تجاوزوا ذلك إلى إبداع يُضرب به المثل في الأيام العصيبة للزلازل التي ضربت تركيا بالوصول إلى الناس في عماراتهم الشاهقة، وفي أريافهم البعيدة، وفي جبالهم العالية، وفي مناطقهم المنكوبة، فما فعله أنصار أردوغان ينم عن تفوق عال وذوق رفيع، فهم لم يكتفوا بالتنظير حول حساسية هذه الإنتخابات وموقعها الفاصل في تاريخ الديمقراطية التركية، والتحولات العميقة في بنية المجتمع التركي ونظامه الفكري، وانفتاحه على تاريخه، وامتداده العميق، ومستقبله المرتقب، فقد أقبلوا بكل كفاءة وامتياز نحو بناء حملة تاريخية استثمروا فيها كل ما لديهم من علاقات وقدرات، وانتشروا في كل موضع لعرض فكرتهم وتبليغ رسالتهم والتذكير بإنجازاتهم، لقد انفتحوا على جميع الأجيال، تراهم يخاطبون الكبار بما كانوا يعانون منه قبل حكم أردوغان ثم كيف جاء التحول، وما الذي أضافه لهم، وتراهم يقتربون من الشباب الذين لم يعرفوا تلك الحقبة الصعبة التي شهدها الكبار، الأجيال الجديدة التي لم تعش تحت ظل المعارضة ولا تعرف الحكم الحقيقي في تاريخها، كون العسكر هم من حكم تركيا قبل صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم حيث كانت إسطنبول كالمخيم واليوم تجدها أصبحت مهوى أفئدة السياح من جميع أرجاء العالم، هذا الشباب التركي الذي عايش ورأى تركيا تتسلق لائحة أفضل عشرين اقتصاداً في العالم وتَحُثُّ الخطى لدخول نادي العشر الأعظم اقتصادياً بعد أن كان ترتيبها 116 عالمياً.
🖋️ إدريس زياد