أعيد مؤخرا انتخاب الزميل إدريس شحتان رئيسا للجمعية الوطنية للإعلام و الناشرين. لا نية لي في هذه الورقة لأتحدث عن الشخص،الذي أعرفه منذ بداية مساره، و لا عن الخط التحريري لمنابره الإعلامية الواسعة الانتشار.
بالمناسبة،و من منطلق المتعارف عليه عالميا، يوجد حتى في الديمقراطيات العريقة تباين على مستوى الخط التحريري لمختلف وسائل الإعلام .هناك وسائل إعلام موالية للحكومة، وسائل إعلام معارضة،وسائل إعلام قريبة من هذا الحزب أو ذاك،و توجد وسائل إعلام اختارت عن قصد أن تكون صحافة تبحث عن الفضائح و تسلك كل الأساليب في البحث و النشر .
هذا الشكل من الإعلام ،منه من يكون ذكيا و يتفادى السقوط في المحظور،و منه من يكون قادرا ماليا على أداء الغرامات و التعويضات الصادرة ضده قضائيا لفائدة ضحاياه لكي يصمد ،و منه من يكون مصيره الأفول بسبب الإفلاس.هذا الموضوع يطول فيه الحديت و قد أعود اليه لاحقا….
مؤخرا،قرأت العديد من الانتقادات ضد شحتان و ضد الجمعية التي يترأسها ،و التي ينتمي إليها ناشرون،قد تختلف معهم أحيانا أو كليا، لكن يبقى لهم وزن مهني و لهم تاريخ و تجارب.
لقد أصبح لجمعية شحتان، و من معه، كلمة و صيت، و هي تهيمن حاليا على قطاع الصحافة الورقية و الإلكترونية بلا منازع.جاء هذا الدور الذي تلعبه حاليا الجمعية لعدة أسباب بالتأكيد.البعض يعتقد أن السبب الرئيسي يعود فحسب للتشجيع الذي تتلقاه الجمعية من طرف السلطة.آخرون اختلفت مبرراتهم ،وكل واحد اختار ما شاء من الأسباب لتبرير هذا الانتشار الزاحف للجمعية و أعضائها و مؤسساتهم.
السبب الرئيسي من ضمن الأسباب،في تقديري، يكمن في واقعة فشل تجربة أو تجارب.هذا الفشل يكمن في عدم القدرة على إدارة القطاع و لعجز في تأطير و تنظيم المهنيين.
لكي نقترب من الجواب ،لنطرح بصراحة السؤال المزعج : ترى ،من كان يقود المرحلة سابقا،من كان يصول و يجول ،من كان له وزن و اعتبار لدى السلطة و وسط الجمهور؟.
أجل،لقد كان للمعارضة و لليسار تأثير كبير وسط الصحافيين و وسط الناشرين، و هم أول من أسس شركة كبيرة لتوزيع الصحف و المجلات.و بالمناسبة،في المرحلة السالفة ذاتها ،هيمن تأثير تيارات اليسار على قطاعات حيوية و ذات صلة بالصحافة.
لقد هيمن على امتداد سنوات على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب .هيمن كذالك على اتحاد كتاب المغرب،و هيمن أيضا على النقابة الوطنية للصحافة المغربية.و المعارضة و فصائل اليسار كان لهم الفضل في تأسيس كل ما ذكرت.
اليوم كل شيئ تلاشى أو في طريق الانهيار و قد يصبح من الماضي!.لماذا حصل ما وقع؟ الجواب السريع هو التفريط ،سوء التقدير و الركض و راء المنافع المتعددة الأشكال…
و لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ،ظهرت للوجود هيئات و تنظيمات جديدة .في قطاع الإعلام جرى تفريخ للمواليد ،و في خضمه تأسست الجمعية الوطنية للإعلام و الناشرين لأن ميزان القوى اختل و أصبح لصالح مؤسسيها .
اليوم ،تحولت الجمعية لقوة ،بل لسلطة مؤثرة على فئات عريضة من الناشرين و الإعلاميين .تقول الحكمة:”لكل مرحلة نهاية،و كل مرحلة تؤدي إلى أخرى” ،و هذا ما وقع . بمعنى آخر ، التغيير في ظل الاستمرارية أو في ظل بروز قوة أخرى ممكن ،و يحصل متى توفرت الشروط.النبتة الأصيلة و الولادة قد لا تموت،يمكن أن تنهض و تتكاثر و تزحف من جديد ،لكن بشروط أيضا.
- نوراليقين بن سليمان