Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates

[mc4wp_form id=195]
رأي

المدون ادريس زياد يكتب:عشق الكراسي

الكرسي ما أجمله وما أثقله إما أن تحمله وإما أن يحملك، كونوا كما وعدتم الناس صوتاً لهم ولا تقصروا غايتكم على صوتهم، أما حاجات الناس فقضاؤها عبادة، ومن أشرك في العبادة لم ولن يصل، وأي شخص يحاول تلبية هذه الحاجات تحت سلطة الصورة لاتخاذها معراجاً إلى صوت الناس فقط لأجل الصندوق فهو مفلس، فقير المروءة، شحيح النبل، فالأصل في خدمة الناس الدوام وليس القصر على زمن الصندوق، والمبتغى من كل شخص أن يكون هو صوت الناس لا أن يقصر غايته على صوت الناس، وما بذل الجهد في تلبية حاجات الناس ابتغاء صوتهم غير فساد مقنع، ألا وإن قضاء حوائج الناس سُلّم، فمن صعده إلى الله سَلِم، ومن صعده إلى الصندوق وقع…

إن من جعل ما قدّمت يداه في هذا المسار دعاية يُطل بها على الناس، فقد أحرق صندوق نماء الحسنات لصالح صندوق لملمة الأصوات، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، والتورع عن الإنتفاع من موقع التبرع، شيء لا يدركه إلا قلب ذو حس وضمير ذو لطف، والكيّس الفطن من ادّخر خدمة الناس وقضاء حوائجهم لصندوق العمل، فيكون جزاؤه خبيئة نيّرة له عند الله تعالى، نعرف جيداً أن البعض يعزف على الوتر الحساس عند الناس، ومن عادة الناس التفاعل مع من يقدم يد المساعدة لهم ويمشي في قضاء حوائجهم، لذلك نحن بحاجة لمواطن واعٍ يعرف كيف يختار من يمثله بعقلية الواعي وليس بعقلية الغافي الساذج، كحاجتنا أيضاً لمن يمثل هذا المواطن بنزاهة وشفافية، وحتى نعطي لكل ذي حق حقه، فمن حق مثل هذا الشخص إن أحسن وأجاد وقدم وقته وجهده وكان أميناً وعادلاً وقدم أنموذجاً محترماً وناجحاً في معاملاته ومداومته لفعل الخير الغير الموسمي أن يمثل الناس وينوب عنهم، شريطة أن لا يستغل ضعفهم وحاجتهم وأن لا يطلب منهم رد الجميل، فهذا حقه الطبيعي ولكن دون استغلال لمعروفه بنية شراء ذمم المحتاجين والمستفيدين الذين لا يأبهون بحلال ولا بحرام، والذي هو أشبه بالرشوة إن لم يكن رشوة فعلاً.

والسياسي ليس هو الذي “يتبورد” مِنْ فوق المنابر والمنصات أو مِنْ وراء شاشة الحاسوب أو النقال، بل هو الذي ينصت إلى الناس ويتابع مشاكلهم ويتفاعل معها ويواجهها بكل مسؤولية، والمناصب ليست للفشخرة والجلوس في المكاتب الفارهة وركوب السيارات الفاخرة وملأ البنوك حتى يصاب الرصيد بالتخمة وترك الناس يتألمون ويعانون، وإنما هو لخدمة الناس ورعاية مصالحهم، إن السياسة أخلاق ومنافسة شريفة ولا عداوة في السياسة، فمنافسك ليس حجراً لتكسره، وليس وحشاً لتخاف منه، وليس عبداً لتملكه، وليس عدواً لتحاربه، إنما هو منافسك في ميدان يضمّكما، ويُباريك على هدف يجمعكما، فلا تشقى به ولا يشقى بك، وفي غياب البضاعة النقية تروج البضاعة المزجاة، وأرى أننا في زمن البضاعة المزجاة.

أما النقد فهو واجب وضروري أن يَتّسِع له صدركم، ومن ينتقدون مدينون بقدرتهم على الإنتقاد لمن ينتقدونهم، لكن هنالك دائماً من يأخذه على محمل شخصي جداً فيناصب الناقد العداء وتأخذه العزة بنظرته الخاصة فيتحول إلى حاقد يلغي كل أشكال النقد ويقصي مواردها، ومهما علت نفوسنا واتسعت معرفتنا وحسُن فهمنا فنحن بشر يقع منا الخطأ والصواب، وإذا لم نقبل بمبدأ النقد لرؤانا وأفكارنا ولأعمالنا، نكون قد سلكنا مسلك من يدّعي العصمة، ومفهوم النقد أنه عملية تدخّل واجبة تتحرك نحو الحالات وليس الأشخاص، ليعود هذا النقد علينا بالنفع ولا يكون خصماً علينا، والنقد بذاته لا يقتصر على تلمّس العيوب بقدر ما هو استخراج للجماليات وإبرازها، وما يميز ناقداً عن آخر، القدرة على رؤية النقطة البيضاء في الثوب الأسود، وقيمة النقد ليس في أنه يكشف العيوب فحسب، بل إنه يؤشر على ملاحظة لم يُحسب وزنها الصحيح، أو يُنبّه إلى مراجعة تقييم لزاوية الملاحظة، وقليل من النقد البصير هو الذي يجعل الناس تُراجع حكماً أو سلوكاً أو طريقة أو غاية، طبعاً هذا إن صدر ممن يعرف أصول ومناهج النقد، أما الخروج عن طريق النقد قد لا يكون تحت مسمى النقد، لأنه قد يكون فيه إساءة للأشخاص، وهذا اسمه تطاول وليس له علاقة بمنهج النقد لا من قريب ولا من بعيد.

🖋️إدريس زياد

أخبار تساوت

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AKHBARTASSAOUT @2023. All Rights Reserved.