جيش عقيدته أمريكية لا يصمد أمام مقاتلين أفغان أشداء بعقيدة إسلامية، يلبسون الدشاديش وصنادل البلاستيك، طالبان قاتلت قتال الأبطال، فقدت الآلاف من الشهداء لكنها لم تتوقف عن القتال، فاوضت تحت النار وانتصرت، طالبان في لغة الأفغان هي جمع كلمة طالب، وهذا يعني أنهم طلاب العلوم الشرعية التقليدية على مذهب الإمام أبو منصور الماتوريدي أحد أعلام أهل السنّة، ومذهبه قريب جداً من مذهب أبي الحسن الأشعري، ومذهبهم في الفقه حنفية نسبة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة، وهذا هو تكوينهم الشرعي بحسب دراستهم ومناهجهم الثابتة والمعروفة، ليست لهم صلة بأي حزب إسلامي سياسي ولا أي جماعة تكفيرية، اتهمتهم أمريكا بالإرهاب لرفضهم تسليم أسامة بن لادن، فرفضوا ذلك من منطلق فقهي بحت، حيث أنهم لم يجدوا فتوى بجواز تسليم مسلم لكافر، وقد ضحوا بمُلكهم لهذا الموقف، تجربتهم في الحكم لم تكن كما يشاع أنها تشبه حكم داعش، بل كانت تجربة تطبيق فقه حنفي تقليدي تنقصهم فيه الخبرة وإدراك تحديات العصر وأولوياته، وقد عقدوا لكوادرهم القيادية دورات تطويرية في مختلف العلوم والفنون، لكنهم لم يتوصلوا إلى درجة الوعي الكافي، رغم أنهم حريصون على التعلم بشكل جيد…
هم أفضل من يمكن أن يحقق نوعاً من التوازن مع التغول الإيراني، وهي نقطة جديرة بالاهتمام والدراسة في هذا الظرف، ثقافتهم العامة ثقافة شرقية ويسعون لتحقيق قدر مقبول من العدل، والحفاظ على مصالح الناس الأساسية، يُسجل لهم قدرتهم على التماسك والوحدة رغم كل الظروف المتقلبة التي مرّوا بها، كما يُسجل لهم كذلك أنهم لم يظهروا لحد الآن أي رغبة في الإنتقام من الجماعات التي قاتلتهم في السابق، البعض يحكم عليهم من خلال لباسهم، والحقيقة أن هذا هو لباس الأفغان التقليدي خاصة بالنسبة لطلاب الشريعة، كما أن داعش قد ولدت ردود فعل جعلت بعض الشباب لا يريد أن يرى مثل هذا اللباس ويسمع كلمة جهاد أو تطبيق الشريعة أو مقاومة المستعمر، وربما كان هذا هو الهدف من تكوين داعش وإخراجها للوجود…
والذي يدل على مرونتهم وأنهم ليسوا مثل الجماعات التكفيرية، علاقاتهم الدولية وزياراتهم لكثير من الدول بشكل معلن، وقبولهم مبدأ التفاوض علنا حتى مع أشد الناس عداوة، انتصار طالبان وحسمها المعركة بأقل تكلفة وانهيار خصمها، لم يأتي بقوة جيش طالبان الممتد من أقصى البلاد إلى أقصاها، فأعدادهم أقل بكثير من عدوهم، فانهار عدوها المكون جيشه من 300 ألف جندي ناهيك عن ملشيات محلية داعمة له، كل هذا تبخر فجأة، تجربة حكم طالبان (1993-2001) رغم قلة الموارد كان يسوده العدالة والتواضع من قيادة الحركة، مما شكل إرثاً في الوعي الشعبي، فكان التقدير والإحترام للحركة ولقادتها، لذلك نجح مؤيدوا الحركة في كل منطقة في الإمساك بزمام الأمور وبترحيب الشعب الذي مل الفساد والفاسدين، وانتصروا على عدوهم المتفوق عليهم عدة وعتاداً.
🖋️إدريس زياد