Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates

[mc4wp_form id=195]
أخبار وطنية

مع قهوة الصباح يكتبها ل “أخبار تساوت”المدون ادريس زياد في عدد اليوم الاحد يكتب عن :*لحّاسين الكابّا*

 

وحتى أذيقكم حلاوة الإختصار، ولمحته الدالة، وفائدته المُغْنِية، وبيانه المُفْهِم، ومسائله المحصورة، وإيماءته البليغة، وإيجازه الكافي، سأنحت لكم الصخر من البحر، وأجلب لكم القاصي من النائي، وأنتقي لكم حبّات الذهب من الرمل، وأنتخب لكم الدرّ من الحصى المنثور، وأُفزِّعُ لكم البرهان من التجربة، فلا تنتظر ورداً وندى من بستان اللئام، إن الطيور لا تطير إلا في سرب يشبهها، فابحث دائماً عن سربك حتى تطير بحرية، فمن كان مثلك سيحملك إن كُسر جناحك، أما إذا كنت تنقل ما يقوله الآخرون دون أن تتأكد فأنت مجرد بوق، وإذا كنت تردد ما يقوله الآخرون دون أن تعرض ذلك على فلاتر عقلك فأنت مجرد سطل وفي أحسن الأحوال ببغاء، وإذا كنت تعرف الحق من الباطل والصح من الخطأ وتختار السير في طريق الباطل والخطأ فأنت هنا من أعوان الشيطان…

“لحس الكابّا” سلوك ممقوت من جانب شخص يهدف إلى جعل شخص آخر عادة ما يكون ولي نعمته، رئيسه، مديره، أو ذو مال أو منصب، يجعله يشعر بالرضا، وذلك لخدمة مصالح شخصية قد تكون غير مُستحقة، وغالباً ما يكون هذا السلوك مرحلياً، ويمكن انقلابه إلى النقيض لسبب انتفاء المصلحة…

“لحس الكابّا” هي أبهى تجليات التملق والنفاق، وهي ممارسات تستلزم مهارات خاصة يجيدها اليوم كثرة من الناس، لعل أهمها اللباقة في التحدث، والقدرة على القيام بمهام تتجاوز إطار العمل المحدد قانوناً…

“لحس الكابّا” سلوك يبتدئ من المدح المبالغ فيه، وتقديم الهدايا، والتذلل والخضوع، والوشاية بالآخرين، وإنجاز الخدمات الأسرية، وصولاً إلى الضحك على النكات والدعابات حتى لو كانت غير مثيرة للضحك…

“لحس الكابّا” هو أن ترى حفنة من زملائك في المؤسسة التي تشتغل فيها يلتفون حول رئيسهم أو مديرهم ويجعلون من مكتبه معبداً لهم يؤدون فيه فروض الطاعة والولاء خاشعين مصطفين وراءه كإمام معصوم عن الخطإ…

“لحس الكابّا” هو أن تحضر اجتماعاً يقترح فيه المدير أو الرئيس شيئاً تراه أنت تافهاً أو غير مجدي، لكنك تتفاجأ بالتصفيق ومباركة “لاحسي الكابّا”، بل مبالغتهم في الثناء على حكمة المدير أو الرئيس ورؤيته الثاقبة ومهاراته التحليلية…

“لحس الكابّا” هو حينما ينشر المدير أو الرئيس أو صاحب منصب أو جاه شيئاً تافهاً على مواقع التواصل الإجتماعي فإذا بالقلوب وبصمات الإعجاب تتساقط عليه تترى والمشاركات تنهال على منشوره وكأنه أتاه اليقين…

السقوط في العدمية هو أن يفشل الإنسان في تحقيق أهدافه بالسير في نهج معين، لكنه يصر على هذا النهج، وهو لا يدرك أن ما يقوم به أصبح في وضع العدم والمأساة، وهذا ناتج عن سلوك مرضي يخيم على حواسه، وَهْمٌ قاتلٌ يسير به إلى الهاوية لا يرى فيها إلا النجاح الباهر، ولا يرى إلا تصفيق الأيدي المرتزقة من حوله، ولهذا احذروا من العدميين لحّاسين الكابّا، وقاية من انتشار الفساد، فلو اقتنعنا بحياة البساطة لما تمكنت كل قوى الظلم والإستحمار والإستبغال والإستبقار من السيطرة علينا، فإقناع حمار أنه يفهم أسهل من إقناع عدمي أنه حمار وسافل ولص وحقير، إذاً كيف يمكن إقناع العدمي بأن الكرامة فوق المال والجاه؟

يقول ابن خلدون:

“الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها، وإذا طال بها الأمد تصبح كالبهيمة، هَمُّها الأكل والشرب والغريزة”

🖋️إدريس زياد

محمد لبيهي

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AKHBARTASSAOUT @2023. All Rights Reserved.