السعادة حالة شعورية تنشأ عن انتفاء الألم البدني والنفسي ووجود البهجة النفسية والحسية، والسعادة بهذا التعريف لاتوجد في الحياة الدنيا إلا لساعات قليلة، ولذلك نجد القرآن لم يستخدم لفظ السعادة في توصيف حياة الصالحين في الدنيا وإنما استخدم لفظ الحياة الطيبة (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)، أما لفظ السعادة فاستخدمه في وصف أهل الجنة في الآخرة “فمنهم شقي ومنهم سعيد”.
لذلك لا يكن همك في الدنيا هو البحث عن السعادة لأنها حينئذ سوف تتحول إلى معبود وستجد أن مايسعدك الساعة الآنية قد يشقيك الساعة القادمة وهذا شأن كل معبود من دون الله، ولكن اجعل همك في الحياة أن تقدم مراد الله على مرادك وأن تقدم مايرضي الله على مايرضيك، ومراد الله قد يختلف أو يتفق مع مرادك، فإذا عشت في مراد الله سوف تعظم مساحة البهجة وسوف تتضاءل مساحة الألم وربما تنقلب المحنة إلى منحة، وهذه إذن هي الحياة الطيبة فهل من مشمر لها ؟
كل شيء في الحياة نسبي، فما يسعدك قد لا يسعد غيرك، أما السعادة الكاملة في الآخرة في قوله تعالى “وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ”، وما يجعلنا ننتشي بالسعادة في هذه الحياة هو أننا لا نولد إليها مرة واحدة بل مرات عديدة، عندما نبلغ حلماً منتظراً، عندما نتعلم ونودّع ظلمات الجهل، عندما تنقدح شعلة الوعي في عقولنا، عندما نحتضن دهشة جديدة، عندما نعانق روحاً تشبهنا، عندما نعيش تجربة ملهمة، عندما نخرج من عتمة اليأس إلى نور الإيمان…
وتبقى عقيدتنا عقيدة سعادة، ويبقى السؤال مطروحاً معها، هل وصل الإنسان إلى السعادة الحقيقية في يوم من الأيام؟ هل تكمن السعادة في أنماط العمارة الحديثة والإجتماع الإنساني وأنماط الإستهلاك العصري وكماليات الحياة؟
🖋️إدريس زياد