الأنانية أمكر مصيدة، وهي تتبع صيد في سراب يودي بصياد الوهم إلى السقوط في هوة ساحقة لا حد لها، تقديس الأنا تودي بمريضها إلى فقدان إنسانيته، حينها يصبح غرائزياً، مكبوتاً ومنعزلاً أو متوحشاً وعنيفاً، لا يحسن ولا يؤمِن ولا يؤمَن جانبه، لا يتقن في حياته غير السفسطة وغمط الناس والكذب عليهم وغيبتهم، لا يمكن لعقله القاصر وإن طال عمره أن يفهم كيف لا يسمح الله أن يستمر الكذب على الأبرياء طويلاً، لأن حبل الكذب قصير، يظل يؤذي الآخرين بالأكاذيب، ولا يعلم أنه سيأتي يوماً من يؤذيه بالحقائق…
هؤلاء لا تنظر لهم إلا بعين الإشفاق، ولسان الحال يقول، اسرح كما شئت، واجمع ما شئت وكيف شئت، واكذب كما شئت، واغتب من شئت، فلا كذب يصلحك ولا غيبة تنفعك ولا هذرمات تعينك ولا أنانية تسمو بك، يقول الله تعالى:”قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر” حقيقة قرآنية ووصف دقيق ينفذ عميقاً ليكشف ما في قلوب المنافقين، كلماتهم ليست زلة لسان، عباراتهم لم يتم تحريفها كما يدعون، هي حقائق راسخة في قلوبهم وقناعات ثابتة في عقولهم، يكشفها الله على ألسنتهم بين حين وآخر ليعلم الناس أنهم يبطنون عكس ما يظهرون…
يقول ابن قيم الجوزية في كتاب الداء والدواء:”ومن الناس من انتكس قلبه حتى يرى الباطل حقاً، والحق باطلاً، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً، ويفسد ويرى أنه يصلح، ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعو إليه، ويشتري الضلالة بالهدى وهو يرى أنه على الهدى”
🖋️إدريس زياد