تكسرت أشرعة مراكبنا وأصبحنا نسير على غير هدى في بحر متلاطم الأمواج والشيطان هو رباننا، هو الذي يقود مراكبنا إلى الجحيم، ففي مجتمعنا الظالم المستبد تراجعنا إلى قيم ما قبل التاريخ، وأعدنا إحياء سلالة الآلهة وسلالة العبيد، سلالة الآلهة المقدسة لها كل خيرات الوطن، هم أصحاب القرار، هم من يعرفون مصلحة الوطن، وظائف الدولة العليا لهم، المشاريع لهم، والإمتيازات لهم، أما سلالة العبيد فوظيفتهم خدمة سلالة الآلهة المقدسة والتسبيح بحمدهم، في انتظار أن ينعموا عليهم ببعض الفتات وبقايا الطعام…
انحدار قيمي غير مسبوق في مجتمعنا، ومن معالم هذا الإنحدار انتشار الفساد في كل المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وحتى في المجال الديني فالعبادة إن لم تقوّم سلوك وتصرفات وأخلاق الإنسان فلا قيمة لها، أما من يعتبر الدين هو مجرد أداة لتحقيق مآرب دنوية مثل الحصول على لقب أو سمعة لترتفع مكانته الإجتماعية فهجرته إلى ما هاجر إليه، وإن لم يصلح حال هذه المجالات لن يصلح حالنا…
الفساد سلوك، فمن أجاز السرقة وبررها فهو سارق حتى لو سرق درهماً واحداً، ومن يبرر الرشوة فهو مرتشي، ومن يبرر التعيينات والترقيات الغير قانونية فهو فاسد حتى لو لم يمارس الفساد، للأسف قيم مجتمعنا فاسدة، فهم يقبلون الفساد ويقبلون الفاسد والسارق والمرتشي، وقد أدى ذلك إلى تغلغل الفساد في كل مؤسساتنا الحكومية والخاصة، لقد سرق الفساد ما تبقى من خشاش حلم في هذا الوطن…
وحتى عند النقاد، فهناك فرق واضح بين النقد البناء الذي يهدف إلى الإصلاح والرقي وبين التسويقي للحملات الإعلامية الممنهجة التي تشرف عليها جهات مشبوهة تهدف إلى تدمير واقعنا وقيمنا، لذلك احذروا أن تكونوا جزءاً من حملات إعلامية مغرضة ولكن لا تتوقفوا عن نقد الواقع الخاطيء نقداً سليماً، فعندما تريد أن تكون ديمقراطياً عليك الإلتزام بمباديء الديمقراطية في كل القرارات، ولكن لا يصح لك أن تكون مرة ديمقراطياً ومرة أخرى بيروقراطياً حسب المصلحة.
🖋️إدريس زياد