ما أبشع أن تكون فقيراً أعزلاً في هذه البلاد، والفقير الأعزل معناه هنا إن صحّ الوصف من تم تفقيره على أيادي سماسرة ولوبيات ضاغطة ومتحكمة في دواليب الدولة فأصبح مفلساً لا يملك مالاً، في كل يوم نتفاجأ بزيادات خيالية في الأسعار على جميع أنواع وأشكال المواد الغذائية الأساسية والخضر والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك والبيض ومواد البناء والمحروقات وغيرها…
لقد أصبحت الأسواق عبارة عن ساحات للمزايدات والمضاربات والسمسرة والنصب والإحتيال، ضحيتها المواطن المفقر المغلوب على أمره، لصوص غالبوا الدولة وغلبوها وتحكموا في مفاصلها وتغلغلوا فيها إلى درجة التماهي، فلم يعد المواطن يدرك أن انتماءه لهذه الدولة يجعله يخدمه ويحميه من هؤلاء التماسيح والعفاريت، أم ليخدمها هو ويخدم لصوصها الذين استطابوا الأدوار في المناصب العليا والسلطة والمال الحرام…
مواطن لم تنفعه شعارات الغضب ولا بيانات ولا نداءات ولا حملات ولا دعوات المقاطعة، مواطن أمام حكومة صماء عمياء بكماء، تنظر ولا ترى ولا تحرك ساكناً أمام تغول لوبيات أصبحت تشتغل في العلن متحدية مؤسسات الدولة، ضاربة بعرض الحائط قوانين المنافسة وضوابط السوق، غير آبهة بنداءات وبلاغات مجلس المنافسة ولا عرائض الشجب والإستنكار من منظمات المجتمع المدني التي بدورها أصابها الخرس والوهن والملل من كثرة الوقفات وتوالي الخيبات…
فهل ستترك الدولة المواطن المفقر الأعزل فريسة في أيدي هذه التماسيح التي لا تشبع يموت تفقيراً، ومتى ستتحرك الدولة لتقوم بما يفرضه عليها القانون والدستور الذي يعتبر أسمى إطار تهتدي به في علاقتها بالمواطن، هذا الأخير الذي يعتبر من أوجب واجبات الدولة نحوه هو حمايته والدفاع عنه واحترام حقه في الأمن والحياة وتمتيعه بحقه في العيش الكريم والمساواة…
وفي انتظار ذلك، لايسعنا إلا أن نقول لتجار الأحلام وسماسرة الآلام ولكل من يريد بأبناء هذا الشعب سوءاً، نقول لهم وبصوت عالٍ *حسبنا الله ونعم الوكيل* فقد بلغ منا اليأس مبلغاً تشظت على جنباته أحلامنا وانكسرت على عتباته أمانينا وتكدر صفونا.
🖋️إدريس زياد
