لا زال ملف تنقية الأحجار من الأراضي الفلاحية بجماعة اجبيل بإقليم قلعة السراغنة يعرف تساؤلات من طرف الساكنة و من طرف الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام ،بجهة مراكش الجنوب ، لما عرفه هذا الملف من فساد ونهب للمال العام و من تزوير في وثائق رسمية من طرف مسؤولين إداريين و أعوان سلطة و من نواب الأراضي السلالية ، وذلك في إطار عملية الدعم التي يقدمها صندوق التنمية الفلاحية للفلاحين من أجل تأهيل الأراضي لتصبح صالحة للزراعة من خلال تنقيتها من الأحجار.
إلا أن هذه العملية عرفت تلاعبات كثيرة فيما يخص تقديم إعانات مالية للفلاحين من أجل إزالة الأحجار و تأهيل الأراضي لتكون صالحة للزراعة و تكثيف المنتوج ، بناء على المرسوم رقم 2.85.891 الصادر في 18 من ربيع الآخر 1406 ( 31 ديسمبر 1985 ) المحدد بموجبه إجراءات توزيع الإعانة المالية التي تمنحها الدولة من أجل تكثيف الإنتاج الفلاحي ، كما تم تغييره و تتميمه .
و لقد عرفت العملية عدة خروقات في الإعانة التي تمنحها الدولة و تتجلى تلك الخروقات في تزوير الوثائق الإدارية و التصاميم الطبوغرافية مما جعل بعض الأشخاص يحصل على مئات الملايين خارج الضوابط القانونية التي ينص عليها المرسوم المشار إليه أعلاه والتي تشترط مشروعية استغلال الأرض أو الحيازة و التقيد بشروط عملية إزالة الأحجار من حيث العمق والمساحة القانونية المستهدفة من العملية . إلا أن الإعانة استفاد منها أشخاص دون تطبيق الشروط اللازمة للاستفادة من الإعانة مما ترتب عنه نهب للمال العام وارتكاب جرائم مالية حقيقية .
لكن الغريب في الأمر و هو تدخل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في الوقت الميت بتوجيه استفسارات لبعض الأطر والموظفين كمسؤولين سابقين بالمصالح التابعة لمكتب الحوز بإقليم قلعة السراغنة في كل ما يتعلق بـ الخروقات والتلاعبات التي شابت عملية المنح التي استفاد منها العشرات من الأشخاص في إطار صندوق التنمية الفلاحية، لتنقية الأراضي من الأحجار ، بعد أن عمت الفضيحة و ارتفعت أصوات منددة بالخروقات في هذه العملية في عدة جماعات لكنها انكشفت في جماعة اجبيل دائرة تملالت التي تعيش الفقر و الجفاف و استنزاف الفرشة المائية و الهجرة السرية .
لقد استفاد من الإعانة أشخاص لا أرض لهم إلا شواهد إدارية مسلمة من السلطات المحلية و تم اعتمادها من طرف مسؤولي مكتب الحوز بالقلعة دون الرجوع إلى التصاميم الطبوغرافية، مما جعل عدة أشخاص من أصحاب النفوذ بإقليم قلعة السراغنة يستفيدون من إعانات ضخمة تجاوزت المئة مليون سنتيم، أقاموا بها مشاريع عقارية وغيرها بمدينة قلعة السراغنة ( عمارات ومقاهي) .
و قد طلب الخازن العام من البعض إرجاع المبالغ التي حصلوا عليها دون اللجوء إلى القضاء ،لأن الأمر يتعلق بجريمة مالية ثابتة من أجل اعادة الأموال المنهوبة و محاكمتهم و حجز ممتلكاتهم، في إطار عدم الإفلات من العقاب و ربط المسؤولية بالمحاسبة.
و ما استفسار الوزير بعد ثبوت الجريمة و وجود شهود من الفلاحين عليها ، و أن مسرح الجريمة يشهد على ذلك، يعتبر إجراء محتشما و يشجع على الفساد و على نهب المال العام في هذا القطاع ، الذي ظل يعرف مظاهر الفساد و المحسوبية و استفادة الفلاحين الكبار منه بذل الفلاحين الصغار منذ بداية برنامج المخطط الأخضر الذي كلف البلاد كوارث مائية و بيئية من خلال استنزاف الفرشة المائية لزراعة فواكه تستنزف مياه السدود و الفرشة المائية .
لقد كان على السيد الوزير اللجوء إلى القضاء من أجل المحاسبة و محاكمة المتورطين المباشرين و غير المباشرين في هذه العملية مع إجراء تحقيق عميق على مستوى كل الجماعات بالإقليم التي استفادت من برنامج الإعانة وذلك في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب وعلى السيد عامل الإقليم أن يكون من المبادرين إلى متابعة المتورطين من سلطات محلية و أعوان حتى تستقيم الأمور، لأن السكوت عن هذا الملف يعتبر إخلالا بالواجب.
* البدالي صافي الدين رئيس فرع جهة مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام