إن أي متتبع للشأن المحلي بقلعة السراغنة سيقف عند ظاهرتين بارزتين أصبحت تعاني منهما ساكنة المدينة. أما الظاهرة الأولى فإنها تتجلى في احتلال الملك العمومي و الثانية تتجلى في البناء العشوائي .
هذه المظاهر حولت مدينة قلعة السراغنة من مدينة كانت سباقة إلى الحياة الحضارية و التنظيم التجاري وتنظيم الأسواق اليومية، و السوق الأسبوعي ، قبل أن تطفو على الساحة ما يسمى بالأسواق النمودجية، و ما هي بنموذجية كما تحمله الكلمة من معنى، إن هي إلا بنايات غريبة عن النسق العمراني والبيئي للمدينة و تفتقر إلى الحد الأدنى من ظروف الاستقبال و الاستقرار و المنافسة الشريفة و الأمن و الأمان مما جعل الباعة المتجولين يفرون منها بحثا عن فضاءات في الشوارع أمام المحلات التجارية و في الساحات العمومية .

هذه المظاهر جعلت المدينة تتحول إلى سلع منتشرة في جميع الشوارع و الأزقة و لا تترك مجالا للمواطن المرور أو راحة البال لما يصاحب هذه السلع المنشورة عشوائيا من ازدحام و من نشاط “النشالين ” أى اللصوص.
إن ظاهرة احتلال الملك العمومي بقلعة السراغنة فريدة من نوعها، لا من حيث المواد الغذائية المنتشرة و التي تتعرض لكل أنواع التلوث والتسمم و لا من حيث الألبسة و الأفرشة و مواد التجميل و العطرية و غير ذلك التي تحتل أجزاء كبيرة من الطرق الخاصة بالسيارات و أيضاً الأرصفة الخاصة بالراجلين.
إنه التسيب بمفهومه العميق و يعتبر خرقا للقانون المنظم للشرطة الإدارية للمدينة، و يتحمل المسؤولية في ذلك مستشارو الجماعة و السلطة الوصية ، من باشا المدينة وعامل الإقليم و الوالي، لأنها ظاهرة تمس بالأمن الغذائي الجماعي و بتنمية المدينة و بتخليق الحياة العامة وكذلك تضرب في العمق الامتداد الحضاري للمدينة وسلامة بيئتها و تراثها الثقافي.
أما الظاهرة الثانية فإنها تتجلى في تنامي ظاهرة البناء العشوائي داخل المدينة وفي محيطها و ما تشكل عن هذه الظاهرة من تجمعات سكنية أصبحت مصدر قلق من حيث الأمن و الاستقرار و ترويج الممنوعات و التطرف، و كل هذه المظاهر تنمو و تتكاثر أمام أعين السلطات و أمام صمت مريب للمسؤولين عن الشأن المحلي بالمدينة.

لكن ما هي أسباب نمو ظاهرة احتلال الملك العمومي و تنامي البناء العشوائي؟السبب الأول هو ذو خلفية انتخابية، لأن الخارجين عن القانون هم الكتلة الناخبة التي تساعد على إعادة التجربة ، و السبب الثاني هو البحث عن الربح المادي الذي توفره هذه الوضعيات لأن الذين يستغلون الملك العمومي يتم استغلالهم ماديا و معنويا ، بدل أن تتوفر لهم شروط الاستقرار من خلال أسواق منظمة وميسرة للأنشطة التجارية و لها حماية قانونية . حتى لا يظل البائع الجائل عرضة للاستغلال و الترهيب اليومي و حتى يجد أصحاب المحلات التجارية فضاء مناسبا للزبناء من خلال تحرير الأرصفة و الممرات و يضمنون أنشطة سليمة لتجارتهم .
أما مخاطر البناء العشوائي فهي متعددة و لكنها لم تجد رادعا لأن الكل يستفيد منها من المسؤولين، و الدليل على ذلك هو أحزمة البؤس الذي أصبحت تكتنف المدينة شرقا و غربا و جنوبا و شمالا .
فهل مدينة قلعة السراغنة تم حذفها وحدها من المدن المغربية التي تستفيد من دعم الدولة لتكون مدينة حضارية بامتياز ؟ و هل تم تركها لتتحول الى مدينة بئيسة يسمح فيها خرق القانون و الإثراء غير المشروع و التسيب في كل شيء حتى في عملية السير و الجولان ؟
لكن نقول للمسؤولين المركزيين و الجهويين و الإقليميين والمحليين: إن الذين رفعوا شعار “ارحل في 20 فبراير” لا زالوا و سوف يعودون .
فانتظروا إنا معكم منتظرون .

البدالي صافي الدين