بقلم المدون :ادريس زياد
اذا لم يدرك المنتخبون أنهم مسؤولون أمام الله وأمام من وضعوا ثقتهم فيهم، كمسؤولية أشدّ، وإذا لم يفهموا أنهم مسؤولون عن إيجاد كل الوسائل اللازمة لتطبيق مهماتهم بالكامل وبكل كفاءة وفاعلية، وإذا لم يعرفوا أن الصلاح والفساد، والشفافية والضبابية، والعجز والحضور، مرتبط بأدائهم أقوى من ارتباطهم بأي جهاز، وإذا لم يقدّروا أنفسهم حقّ التقدير بأنهم نظام التوازن، والمظلة الجامعة لمراكز القوى، والإطار الوحيد للنظام، والمربع الباقي لتمثيل الجميع بلا إقصاء…
وإذا لم يسنّوا من القوانين والضوابط ما يمنع هذا السيل الجارف الذي شرد الفقراء والمساكين، وإذا لم يمارسوا أدواراً أكثر من مجرد الحضور، وتكثير سواد التحالفات، ورفع الأيادي، والإستماع إلى ما يتلى عليهم، ويُبَرمَج لهم في جداول الأعمال الجاهزة، إذا لم يكن ذلك فاعلموا أنكم جهاز معطل الوظائف، وأداة من أدوات الجهاز المهيمن عليكم، وأنكم غافلون عملياً عن أداء واجبكم، ومقصرون في أداء الأمانة الثقيلة، وأن مصالحكم مقدمة على مصالح مَن قدّمكم، وأن واجبكم الآن يبدأ بالشروع في مبادرة سريعة، واستدراك ما قصرتم فيه، والوعي بما أصابكم، أو تسلموا الأمانة إلى من يليكم، والتوبة النصوح على كل حال…
طبعاً من حق كل إنسان أن يقول رأيه بصراحة، ولكن التحليلات غالباً لا تدرك خصوصية القضايا السياسية وطبيعة تفاعلاتها، ودوماً تحدث مفاجآت تنسف كل السيناريوهات المتداولة وما نعيشه خير دليل على ذلك، فيضان التحليلات متوقع، ولكن يجب التريث قليلاً، فإسهال التحليلات مستمر حسب الألوان وحسب التموقعات وحسب المزاج وحسب المصلحة وحسب الدفع وحسب الأداء، فقبل الإنتخابات إسهال للتحليلات وبعد الإنتخابات دفعة إسهالات تحليلية أخرى تستمر إلى حين الإنتخابات الموالية دفاعاً عن الفشل الدريع والسقوط المدوي الذي يظهر جلياً للعميان من طرف الأحزاب والقوى المتناحرة، وضد الأحداث المجتمعية وتطوراتها الدراماتيكية الصاخبة وضد المطالب المشروعة لأبناء الشعب…
يبدو أن أغلب التحليلات التي يتشدق بها بعض الحمقى تكون أقرب لتحليلات العجائز أو لعلها مجرد أضغاث أحلام وأوهام لا أساس ولا رصيد لها، فالسلطات عادة لا تحتاج إلى من يدافع عنها خصوصاً اللصوص وفاقدي الأهلية والمشبوهين لأنها ومنذ الأزل غالباً ما تنزل بكل ثقلها وتفشل كل مخطط ليس في صالحها…
المشكلة تكمن أننا أمام مجموعة أحزاب ضعيفة جردت نفسها من جميع نقاط القوة، خصوصاً تلك التي ذبلت أوراقها وتساقطت بسبب التقلب يميناً ويساراً لأسباب مصلحجية، وانكشفت عوراتها سريعاً وخضعت للضغوطات بالمقابل وأصبحت لا تستطيع قول كلمة الحق، وهي تعزف بغزارة على وتر التملق طمعاً في المناصب والمغانم، فالإنتخابات بطريقة السعاية والرشوة تهدم ولا تبني ولن تقف لها ركائز مهما طال الزمن، فإذا نجح المفسد سيبقى على فساده، وإذا نجح من عنده نية الإصلاح سيجد المفسدين له بالمرصاد على كل الجبهات، لكن كرأي شخصي لا أرى مبرراً للحديث في هذه الظروف عن الإصلاح في ظل وجود سُرّاق المال العام والفارين من العدالة والمتحايلين على القانون….
سُئل أبا حنيفة رضي الله عنه: لِمَ تتحدث في مسائل لم تقع بعد وتبين حكمها؟أجاب: نستعد للبلاء قبل نزوله فإذا ما نزل عرفنا كيفية الدخول فيه والخروج منه.
🖋️إدريس زياد