لا تنتهي معاركنا ولا تنطفيء نيران جمرها المركوم تحت الرماد إذا انجابت سحائب الحرب المباشرة الضروس، فهناك أشخاص متخصصون في خلق المشاكل وتنميتها بطرق لا تخطر على بال، وهناك معارك أخرى تصنع فينا أمرها، إنها معارك إرادات محتدمة لا تتردد ولا تتبعثر ولا تبتعد عن الغاية الهدف، وهي معارك يقينية تتجاوز في أعماقها فكرة المواجهة المباشرة وكسر العظم وليّ الذراع وحرق الأخضر واليابس، هي معارك مع العدو الخفي الشبح الغير المحايد والمصر على الذخول إلى المربع الممنوع واقتحام حرماته، معارك ذات نمط هجومي تدافع وتتدخل بشراسة في المجتمع والإدارة والإرادة السياسية وتبخيس ثقافة المواجهة، هي معارك لا تتوقف، في كل اتجاه، تفتح كل يوم ساحة صراع جديدة، وتهدم ما بناه السابقون، معارك المفاجآت وابتكار أساليب متجددة في الإرغام والتوجيه والتدجين، معارك قذرة يشارك فيها كل من لا يمتلك ضميراً قادراً على التعبير، وكل مسجل في لائحة الخضوع والخنوع، معارك تنشغل بالحروب الجانبية والمناكفات السياسية الرخيصة وبلوكاج المشاريع، ولا توجه أنظارها نحو القضايا التي تهم البلاد والعباد، معارك تتزوّد كل يوم بطاقة انطلاق جديدة، وتتحرك إلى محطة تالية، معارك تطيل عمر المرض وتقتل المواطن قتلاً بطيئاً، معارك عصيان وتمرّد ضد الحق وضد القانون تأبى أن تكون جزءاً من الواقع لا تترك الحال على حاله ليعبر بحريته، معارك بين شراذم لا تعرف كيف تقوم من كبوتها، ولا كيف تجبر كسرها، ولا تشق طريقها المغلق، شراذم لا تتوقف عن المحاولة، تبني من الأحجار الساقطة عليها صروحاً تصعد بها إلى أعلى، اعتادت مذاق التحدي وطعم فتات المعارك.
ولا ننسى أيضاً القطيع المصاب بالعمى الأيديولوجي المزمن الذي يفقده القدرة على التمييز بين الألوان.
🖋️إدريس زياد